الثلاثاء، 20 يناير 2015

ديداكتيك الجغرافيا

 شهد تدريس الجغرافيا تحولاً كبيرًا تزامنًا مع الطَّفرة النوعية التي عرَفتها الموجة المعلوماتية والتكنولوجية، مما أدَّى إلى تغيير التوجه الديداكتيكي - الجغرافي؛ وذلك بالانتقالِ مِن شَحن المتعلم بأكبر عدد من المعارف الجغرافية (الطريقة الإلقائية)، إلى تكوين المتعلِّم على التعلُّم الذاتي بإكسابه كفاياتٍ جغرافية، تيسِّر له توظيفها لحل وضعياتٍ من محيطه المحلي.

وقد واكب هذا التحولَ الديداكتيكي الجغرافي تطورٌ في التيارات الجغرافية التي انتقلت من مواضيع كلاسيكية إلى مواضيع تتبنى التجديدَ الأبستمولوجي[1]:
جدول رقم 5: التيارات الجغرافية من الكلاسيكية إلى التجديد الأبستمولوجي:
التيارات الجغرافية
المجالات الأساسية المدروسة
المواضيع الأساسية
طبيعة المناهج
المراجع المعتمدة
الجغرافية الكلاسيكية
المجالات الطبيعية
العلاقات بين الوسط الطبيعي والبشري
استقرائي
C Ritter,1852,introduction à la géographie générale, les belles lettres, Paris ;
Vidal de la Blache 1922, Principes de géographie humaines, A Colin, Paris -
تيار الوضعانية الجديدة
مجالات جيو - اقتصادية
جيومترية
توطينات اقتصادية
استنباطي نظري - كمي
-P.Haggett, 1973,l’analyse spatiale en géographie humaine, A.Collin , paris
- J.B Racine et H.Reymond 1973 L’analyse quantitative en géographie, CRU,Paris
تيار البيهافوري (السلوكية)
مجالات معيشية
مجالات مدركة وسلوكات الأشخاص
استنباطي أو استقرائي
-A. Frémont , la Région espace vécu,PUF, Paris
-A.Bailly, 1977, la Perception de l’espace urbaine, CRU, Paris
التيار الماركسي
مجالات مادية تاريخية
علاقات اجتماعية وتحديات مجالية
استنباطي - استقرائي - جدلي
-Y.Lacoste,1977,la géographie ça sert d’abord à faire la guerre ,MASPERO , Paris
- A.Reynaud,1981, société, espace et justice, PUF , Paris
التيار الإنسي
مجالات سيكولوجية
فكرة الأماكن
استنباطي أو استقرائي
-E.Dardel, 1952, l’homme et la terre, nature de la réalité géographique, PUF, Paris.
- A.Bailly, 1981 , la géographie du bien- être, PUF, Paris
التيار الأيكولوجي
مجالات طبيعية ذات صِبغة إنسانية
منظومة بيئية
استنباطي أو استقرائي
-J.Tricart et J.kilin,1979, l’Ecogéographie,FM / Hérodote, paris
- G.Bertand,1991, la nature un paradigme d’interface,Géodoc,n°34
التيار المنظومي/ النسقي
مجالات جيو اقتصادية
التفاعل بين العناصر
استنباطي - نظري - كمي
-Y.Guermond(ED)1984,analyse de systéme en géographie Presse universitaires de lyon, lyon
-M.F.Durand, Jlévey et D. retaillé 1992 , le monde éspaces et systémes, Presses de la fondation nationale des Sciences politiques et DALLOZ , St-just-la-Pendue

لقد انتقلت في تناولها الأبستمولوجي من النموذج التقليدي المبنيِّ على الثنائية: الجغرافية الطبيعية، والجغرافية البشرية - إلى جغرافيةٍ تطرح إشكالاتها على أرحبِ نطاق؛ إذ الجغرافيا أصبحت تبحَث عن ماهيةِ المجال ذاته، ومن ثَم على أنه (المجال) نتاجٌ؛ إذ إن الاهتمامات اتجهت نحو منتجيه، وهكذا، وبعدما كانت الجغرافيا تهتمُّ بالقبيلة والفلاَّح، أصبَحَت تهتم أيضًا بالشركاتِ والدول والجماعات المحلية.

كما أصبحت الجغرافيا تهتمُّ بالتمثُّلات، فالمعطيات المرئية أو غير المرئية - وبالخصوص الأفكار والصُّوَر التي يكوِّنها الأفراد في أذهانهم عن المجال - أصبحت تؤخَذُ بعين الاعتبار، وتدخُل في صميم الاهتمامات الجغرافية.

أضف إلى ذلك أنها انفتحت على المقياسِ بمختلف مستوياته، وأصبحت تعالِجُ مواضيع على المستوى العالمي كانت متروكةً من قبلُ لعلماء الاقتصاد والسياسة.

وامتدَّ اهتمام الجغرافيا ليشمَل موضوعات جديدة؛ حيث إن كلَّ ظاهرة تتوزَّعُ في المجال تصلُح لأنْ تكون قابلةً للدراسة الجغرافية مهما كان الميدانُ الذي تحسب عليه (أنشطة: رياضية، ثقافية...)، (مؤشرات اجتماعية: ضريبية، صحية...).

أما الخريطةُ، فاستعادت بريقَها ومكانتَها الأساسية كأداةٍ مهمة للعالم الجغرافي، خاصة في عالَمٍ أصبَح يعتمدُ بالدرجة الأولى على ما هو مرئي.

عمومًا إن الجغرافيا الجديدة أصبَح لها جمهور جديد، ومهارة التفكير الجغرافي لم تعُدْ موجَّهة فقط للتقنوقراطيين، بل إنها موجهةٌ لعموم المواطنين؛ حيث تعمَلُ على الاستجابة لانشغالاتهم، وأصبَح لها خطابٌ جديد، فهل أُدرِجتْ في مؤسساتنا التعليمية هذه التوجهاتُ والاهتمامات الجديدة للجغرافيا؟ وهل هناك في حالة النفي مبرراتٌ مقبولة لإبعاد هذه المكتسبات عن الجغرافيا التي ندرُسها؟

  المنهج الجغرافي

قبل الحديث عن كيفية تدريس الجغرافية يجب التطرق إلى المنهج الجغرافي أو الطريقة التي يتم التعامل من خلالها مع فهم الظاهرة الجغرافية
يشمل المنهج الجغرافي العمليات الفكرية التي من خلالها يتم التعرف على الظواهر المجالية من خلال الممارسة المجالية ومختلف أشكال إنتاج وهيكلة المجال .
يرتكز المنهج الجغرافي على ثلاثة عمليات فكرية أساسية هي الوصف والتفسير والتعميم.
: عملية فكرية نحدد من خلالها رصدا وتقديما للظاهرة الجغرافية من حيث شكلها الخارجي و كيفية ظهورها ومكانها وحركتها عبر الزمان والمكان(تعريف ذ.أحمد لعوينة). - تعريف الوصف الجغرافي:).

- خطوات الوصف الجغرافي:1-
تتم عملية وصف الظواهر الجغرافية على مرحلتين هما التحليل والتركيب.
أ‌- المرحلة التحليلية: تعني برصد المعطيات وهذا يقتضي استكشاف العناصر عن طريق الملاحظة والمقارنة وبالتالي يتم الاقتصار خلال هذه المرحلة على تعدد العناصر وتصنيفها وترتيبها في مجموعات.
ب‌- المرحلة التركيبية: و تقتضي وضع بناء خطابي تحدد بدايته ومراحله وخلاصته, ويستعمل في هذا الخطاب مفاهيم ووسائل تعبير ملائمة للمرحلة.
تقوم منهجية الوصف على استخراج المواد وتصنيفها وترتيبها لكنها ترتبط أحيانا بذاتية الواصف وتعقيد البنية الموصوفة وتخرج بهذا عن الموضوعية

2- التقسير الجغرافي
وهو عملية فكرية يتم بموجبهااإبراز السبب أو الأسباب التي أدت إلى وجود ظاهرة جغرافية ومواصفات الكيانات المدروسة مع تبيان التفاعلات فيما بينها(تعريف ذ أحمد.لعوينة)
يعتمد التفسير الجغرافي على العوامل المسببة في وجود ظاهرة جغرافية معينة أو الصفات التي تتصف .

يرى الجغرافي الفرنسي فيدال دولابلاش أن المركز الأساسي للعوامل المفسرة يوجد في الماضي (التاريخ) ويري بيير جورج أن العامل الاقتصادي هو الأساس في التفسير... وقد نجم عن هذا الاختلاف انتماء عوامل التفسير إلى حقول معرفية مختلفة ( اقتصادية, سياسية, ثقافية, دينية...).
ب‌- أنواع التفسير الجغرافي:
نوعان يمكن ان تتفرع عنهما اشكال كثيرة ومنها التفسير حول علاقة الانسان بمحيطه وتأثيره فيه ثم تأثير المجال الجغرافي على الإنسان
هكذا "تدل أنواع التفسير الجغرافي على النماذج الأساسية للعلاقات القائمة بين الفعاليات المجالية الكبرى التي تصنف إلى فعاليات أساسية بمفهومها الكلاسيكي حيث يشكل المجال الجغرافي حسبها مسرحا لتفاعلات بين الإنسان في بعده المجتمعي وبين الطبيعة وفعاليات تعتمد المفاهيم المهيكلة للخطاب الجغرافي قصد إبراز التفاعلات القائمة بين الظواهر اعتمادا على مفاهيم المورفولوجيا والتوطين والحركة، وتعتبر هذه الفعاليات أكثر قدرة على مسايرة النظريات المجالية الحديثة"(ذ عامر كنبور مفتش مادة الاجتماعيات)
3-علاقة التفسير بالوصف :
يرتبط التفسير مع الوصف ارتباط عضويا ويتلخص دور الوصف في تقديم العناصر حتى يتسنى للتفسير الوقوف على نوع العلاقة التي تربط بين عناصر الظاهرة الجغرافية المدروسة وبالتالي فإن الوصف يشكل نقطة انطلاق التفسير
4- التعميم الجغرافي :
وهو عملية فكرية يتم بموجبها الانتقال من حالات خاصة إلى ما هو عام وتصبح بالتالي تجربة أو اقتراحات مجردة أو نظرية جغرافية قائمة بذاتها"تعريف لعوينة".
1- أنواع التعميم الجغرافي:
نوعان أحدهما يهتم بالمفاهيم المهيكلة لعمل الجغرافي والتي تتميز بكونها لها خصائص موحدة عالميا والثاني يهتم بالأطر التي تشكلمرجعيات عمل الجغرافي وكلاهما يعمل على تطوير الوظيفة التفسيرية التي هي لب الجغرافية
ب‌-علاقة التعميم بالتفسير:
يهتم هذا النوع بوضع مبادئ وقوانين ونظريات قصد إبراز العوامل التي تتحكم في ظاهرة أو مجموعة من الظواهر المجالية، وتستند عملية التعميم في بعدها التفسيري على تجربة غنية بالعبر المستخلصة من خلال وصف وتفسير العديد من الظواهر إن على مستوى الزمان أو على صعيد مجال الكرة الأرضية، ويميز في هذا التعميم التفسيري بين نوعين هما:
· التعميم التفسيري على مستوى المبادئ: يستغل نتائج النشاط الوصفي والتفسيري، مثال إن التضاريس المرتفعة هي تضاريس حديثة أو مكونة من صخور حديثة والعكس إن التضاريس الأقل ارتفاعا هي تضاريس قديمة أو مكونة من صخور هشة، إن هذا المبدأ لم يوضع انطلاقا من حالة فردية بل انطلاقا من عينة معبرة عن الحالات التي تمت معالجتها.
· التعميم التفسيري على مستوى النظريات: يتطلب تأسيس وبناء نظرية ما اشتقاق مجموعة من المفاهيم الإجرائية لضمان الدقة والصرامة في الوصف، والإعلان عن بعض المبادئ المؤطرة للعمل التفسيري إضافة إلى تجريب هذه الأدوات في دراسات ملموسة للتأكد من صلاحيتها ومنفعتها.
لا يقوم التفسير بذاته بل يرتبط مع الوصف والتعميم ويتمفصل معهما، ويتلخص دور الوصف في تقديم العناصر حتى يتسنى للتفسير الوقوف على نوع العلاقة التي تربط بين عناصر الظاهرة الجغرافية المدروسة وبالتالي فإن الوصف يشكل نقطة انطلاق التفسير حيث يقدم له معطيات عن خصائص الظاهرة المراد تفسيرها ومعطيات تخص العامل المفسر، ويتلخص دور التعميم – الذي يهتم بالنماذج النظرية التي صممت في ضوء دراسة العديد من الحالات الخاصة- في وضع إطار نظري مرجعي رهن إشارة التفسير حتى يتسنى لهذا الأخير اقتناء وتطبيق الجهاز النظري الملائم قصد إبراز نوع ومتانة العلاقة التي تربط بين الظواهر المجالية
2- منهجية التعميم الجغرافي:
- البدئ بالنظريات الذهنية والمجردة فالجبل يمكن ان نعرفه دون رِيته من قبل اعتمادا على دراسته النظرية فقط بكونه يشكل ارتفاعا مهما من الأرض حاد القمة وشديد الإنحدار
ويعتمد البدئ بالجانب النظري على4 مراحل:
مرحلة استكشافية تخص الأنشطة المنهجية الثلاثة (الوصف، التفسير، التعميم)
مرحلة تحليلية ترتكز على التعميم على مستوى المفاهيم وتستلزم التسلح بجهاز مفاهيمي يهم المجالات الجغرافية لوصف الظاهرة المدروسة
المرحلة التطبيقية ترتكز على التعميم على مستوى المبادئ وتستلزم التسلح بالمبادئ التي تهم مختلف المجالات الجغرافية لتفسير الظاهرة المدروسة
مرحلة تركيبية يتم خلالها التأكد من مدى صلاحية النظرية أم لا
يعتبر التعميم الجغرافي روح كل عمل علمي لكونه يركز اهتمامه على استعمال وإنتاج المفاهيم والمبادئ والنظريات ويسمح بتجاوز الحالات الفردية للتموضع على المستوى العالمي

مدرس الاجتماعيات ملزم في عالم اليوم وفي ضوء إصلاح المنظومة التربوية بالمغرب بالاساس واعتماد بيداغوجيا الكفايات أن يعتمد الطرق الفعالة النشيطة التي تتناسب مع مدخل الكفايات والتي تترك للمتعلم فرصة التعلم الذاتي, وتحقق أهدافا اجتماعية مهمة مثل الاعتماد على الذات والقدرة على اخذ القراراتوأهم وسيلة لذلك ننصح بطريقة حل المشكلات وهي الطريقة المثلى في تدريس مادة الإجتماعيات.
- تتأسس بيداغوجية حل المشكلات على الخطوات الأساسية للمنهج العلمي وهي تحديد المشكلةو صياغة الفرضيةثم اختيار وتمحيص الفرضيات والإعلان عن النتائج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق